المعاق السعودي .. خارج حسابات الحكومة الإلكترونية !!

Written By brahim moutaki on الخميس، 5 يناير 2012 | 8:01 ص

تقدر الإحصاءات الرسمية أعداد المعاقين في المملكة بنحو مائتي ألف معاق وتمثل هذه الشريحة نسبة %8 من المجتمع. وبينما أتاحت الدولة أنماطاً مختلفة من الرعاية الطبية لهذه الشريحة من المجتمع، فإن جوانب أخرى تخصهم مازالت مهملة، ومن ذلك، إهمال تطبيقات الحكومة الإلكترونية، ممثلة في المواقع الحكومية لشريحة المعاقين، بما يعيق وصولهم إلى خدماتها على نحو يتسم بيسر الوصول ويسر الاستخدام والقابلية للتفاعل. ودل تقييم آلي «مؤتمت» أجرته «الشرق» على 23 موقعاً حكومياً سعودياً ارتفاع معدلات الخطأ في ترميز صفحات البداية فيها، وكذلك معدلات إهمال معايير يسر الوصول فيها، حيث وصل إجمالي عدد الأخطاء في صفحات البداية بتلك المواقع سبعة آلاف و621 خطأ، وبلغت نسبة المواقع التي حفلت بأخطاء يسر الوصول من عينة الدراسة %78.

أنواع الإعاقات

ويمكن تصنيف أنواع الإعاقة إلى ثلاثة محاور هي: الإعاقات الجسدية وتختص بتعطل أو فقدان عضو من أعضاء الجسم، والإعاقات الحسية وتتعلق بتعطل حاسة من الحواس كالسمع والبصر، والإعاقات الإدراكية وتتعلق بسلامة العقل. إضافة إلى أمراض الشيخوخة، التي تتشابه إلى حد كبير مع أعراض الإعاقات المختلفة.
ويعرف نظام رعاية المعوقين في المملكة، الذي صدر عام 1421هـ، المعوق بأنه كل شخص مصاب بقصور كلي أو جزئي بشكل مستقر في قدراته الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية إلى المدى الذي يقلل من إمكانية تلبية متطلباته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين.
وللإعاقات البصرية أنماط عديدة، تشمل: العمى، ضعف البصر، عمى الألوان. ولكل من تلك الأنواع الثلاثة تفريعات عديدة. أما إعاقات السمع فتتدرج بين ضعف السمع والصمم. وثمة من يجمعون بين الصمم والعمى. وتشمل الإعاقات الإدراكية عسر القراءة، وعسر الحساب، وتشتت الانتباه، وصعوبات التعلم، وأمراض الذاكرة، وأمراض الصحة العقلية، والإضطرابات الإدراكية. كما أن للإعاقات الجسدية أنماطا تتراوح بين إعاقات يولد بها الإنسان، وإعاقات يكتسبها بتأثير من مرض، وإعاقات تنتج عن تعرض الإنسان لحوادث من أي نوع.

مليار معاق

وأشار التقرير العالمي للإعاقة الصادر عن منظمة الصحة العالمية الصادر عام 2010 إلى وجود مليار شخص من ذوي الإعاقة، يمثلون ما نسبته 15 % من سكان العالم. ويعيش حوالي 785 مليون شخص ممن تبلغ أعمارهم 15 عاماً مع شكل من أشكال الإعاقة، في حين أشارت تقديرات تقرير العبء العالمي للأمراض إلى رقم يقترب من 975 مليون شخص. ومن هؤلاء أشارت تقديرات المسح الصحي العالمي إلى أن 110 ملايين شخص يعانون من صعوبات بالغة الشدة في تأدية الوظائف، بينما كانت تقديرات تقرير العبء العالمي للأمراض توضح أن 190 مليون شخص يعانون من «إعاقة شديدة» وهو مصطلح يستخدم لحالات مثل الشلل الرباعي، أو الاكتئاب الوخيم، أو الكف البصري. وانفرد تقرير العبء العالمي للأمراض بالإشارة إلى الإعاقة التي تصيب الأطفال من عمر صفر وحتى 14 عاماً، حيث أوضحت تقديراته إصابة 95 مليون طفل 13 مليون منهم مصابين بنوع من «الإعاقة الشديدة».
وفي المملكة بلغ معدل الإعاقة وفقاً لإحصاءات 2007 نحو 8 في الألف أي ما يعادل مائتي ألف معاق تقريباً. وأشارت وزارة الصحة في تقريرها السنوي للعام 1430 إلى أن عدد حالات الصمم التي راجعت مراكز التأهيل الطبي الحكومية بلغت في العام نفسه54 ألفا و815 حالة. فيما بلغ عدد حالات البتر التي ترددت على تلك المراكز ألفين و114حالة. وتنوعت أسباب البتر بين حوادث السيارات والغرغرينا والسرطان وحوادث مرورية أو كهربائية أو حرائق وغيرها.

حق الوصول

وتمثل شبكة الإنترنت، نافذة حرة للمستخدمين يطلون منها على العالم، ويشبعون من خلالها متطلباتهم، من معارف وعلوم ومشاركة اجتماعية وانجاز لمهام ومتابعة لمصالح، وقد يسرت تطبيقات الحكومة الإلكترونية على مستخدمي الإنترنت كثيراً من الجهد والوقت والمال بتوفير خدمات ونماذج طلب الخدمات التي كانوا يضطرون من قبل إلى مراجعة الدوائر الحكومية المختلفة للحصول عليهم. ولكن مع إطلاق البوابات الحكومية، لم يعد مطلوباً من المستخدم سوى الدخول على الموقع الحكومي والحصول على ما يريد من خدمات دون حاجة لمراجعة تلك الدوائر بنفسه.
ويتيح كونسورتيوم شبكة الويب W3C معايير دولية يفترض أن يلتزم بها مصممو مواقع الويب لضمان توفير الحق في تصفحها والاستفادة منها من قبل جميع المستخدمين على اختلاف مستوياتهم، ودون التمييز بينهم على أساس الإعاقة. وثمة مبادرات عديدة تبنتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإتاحة محتوى الويب لجميع الشرائح خاصة للمعاقين على اختلاف أنماط إعاقاتهم. وتخضع تلك المعايير لمراجعات مستمرة لتحسينها ومراقبة ما يواجهها من معوقات تمهيداً لوضع الحلول التقنية المناسبة لها.
وتشترط الحكومات الغربية على وزاراتها والهيئات التابعة لها، توفير تلك المعايير في المواقع الحكومية. وتنص على ذلك صراحة في أنظمتها الإدارية، تعزيزاً لمفهوم حقوق الإنسان، ومنعاً لما يمكن أن يتعرض له المعاقون من تمييز على أساس إعاقاتهم.

عصر التقنية

وأصبح بمقدور المعاق في عصر التقنية والاتصالات أن يباشر أعماله بنفسه دون مساعدة من أحد. فبمقدوره تصفح الإنترنت، والبحث عن المعلومة أو الخدمة أو السلعة التي يحتاجها، والاختيار بينها، وإجراء المقارنات اللازمة، وطلب الحصول عليها. ويدعم هذا التوجه طيف واسع من الدراسات التجريبية التي تطرقت إلى مختلف مجالات التصميم لمواقع وتطبيقات الإنترنت، واختبرت معوقات الوصول وسبل التغلب عليها.
والواقع أن تنوع الإعاقات يمنع تحقق الحلم المشروع الذي يتبنى مفهوم «التصميم للجميع»، بمعنى أن الموقع أو التطبيق لا يمكن أن يشبع احتياجات جميع المستخدمين، أصحاء أو معاقين. لكن التقنية أتاحت حلولاً تقترب من هذا الحلم، وحتى إذا لم تصل إلى الجميع، فبمقدورها إتاحة بدائل مرضية تلبي مختلف متطلبات المستخدمين.

الإعاقة الحسية

ولكل فئة من المعاقين متطلباتها التقنية، فمن يعاني من ضعف البصر، تختلف متطلباته عمن يعاني من العمى أو الصمم. فعلي سبيل المثال، يلجأ من يعانون من العمى إلى إستراتيجيات معينة للوصول إلى الإنترنت. ومن ذلك برامج قراءة الشاشة التي تتولى قراءة ما يظهر على شاشة الكمبيوتر وتحول النص إلى أصوات رقمية وعادة ما يلجأ هؤلاء إلى تشغيل برامج قراءة الشاشة بسرعات عالية جداً. إضافة إلى أنظمة برايل الديناميكية التي تعيد إنتاج النصوص التي تظهر على الشاشة ولكن بطريقة برايل.أما من يعانون من ضعف البصر فيلجؤون إلى إستراتيجيات مختلفة. ويشمل ذلك استخدام شاشات كمبيوتر عملاقة لتكبير حجم النصوص والصور حتى يمكنهم رؤيتها. فضلاً عن برامج تكبير الشاشة. بينما يميل بعضهم إلى تعطيل ملفات المخططات النمطية في المواقع (CSS) ليطبقوا تفضيلاتهم الخاصة التي تلائم متطلباتهم. بحيث يستخدمون ألواناً ذات تباينات عالية بنظام «24 لوناً» فقط، أو يستخدمون طرازات وأحجاما من الحروف تناسب مستوى إعاقاتهم وطبيعتها. ويلجأ من يعانون من عمى الألوان إلى تعديل برمجة ملفات المخطط النمطي للتحكم في ألوان الحروف وخلفيات الصفحات التي يتيحها المبرمج للصفحات التي يعرضها عبر الموقع. وعادة ما يبحث من يعانون من الصمم عن مواقع توفر نصوصاً شارحة للملفات الصوتية بحيث يمكنهم معرفة محتواها. أما من يعانون من صعوبات في السمع لا ترقى إلى الصمم، فإنهم بالإضافة إلى حاجتهم لتوفير نصوص شارحة للملفات الصوتية، يحتاجون إلى تقنيات تمكنهم من رفع الصوت لأعلى درجات يمكنهم سماعها. مع توفير إمكانية تشغيل أو تعطيل النص المرفق بالملفات الصوتية.

الإعاقات الحركية

وتشمل الإعاقات الحركية ضعف العضلات أو محدودية قدرتها على العمل بشكل طبيعي وبخاصة الحركات الإرادية، وصعوبات التحرك بشكل متناسق، والشلل، وفقدان الإحساس، وصعوبات تحريك المفاصل، وفقدان الأعصاب. ويعاني بعض الأشخاص من فوضى في الحركة، وعدم تناسق فيها. ومن هؤلاء من يعانون من الصرع خاصة الصرع الحساس للصور. وهؤلاء تنشط لديهم أعراض الصرع عند التعرض للصور المتحركة أو عناصر التصميم سريعة الحركة، وكذلك عند التعرض لمؤثرات صوتية مفاجئة أو عالية، وعند استخدام عناصر وامضة أو شديدة اللمعان.

الصعوبات الإدراكية

وتشمل الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في إدراك الأشياء بصرياً وصوتياً. ومن ذلك صعوبات التعلم وصعوبات إجراء العمليات الحسابية. ويرتبط بذلك عادة صعوبات في التعامل مع اللغة المنطوقة عندما يسمعونها. وكذلك صعوبة التنقل المكاني. ويحتاج من ينتمون إلى هذه الفئة إلى استخدام برامج لقراءة الشاشة تعمل بالتزامن مع برامج لتوليف الصوت بحيث يسهل فهم الجمل المنطوقة. وقد يضطر الذين يعانون من صعوبات في فهم الأصوات المنطوقة إلى استخدام النصوص التفسيرية المرفقة بالملفات الصوتية لمحاولة فهمها.
أما الذين يعانون من صعوبات في التركيز والانتباه فيحتاجون إلى إتاحة تقنية تمكنهم من تعطيل المحتوى المتحرك في الموقع ليتمكنوا من التركيز في المحتوى الأساسي.

الإعاقات المتعددة

ولاشك أن الجمع بين الإعاقات يمكن أن يقلل من مرونة المستخدم في التواصل مع مواقع الانترنت. فبينما يمكن للمستخدم الكفيف أن يستفيد من وجود وصف صوتي لمحتويات ملفات الفيديو، وبينما يمكن للأصم أن يفهم محتويات الملفات الصوتية حين يتم إرفاق نصوص شارحة لها، فإن الأشخاص الذي يعانون من الجمع بين العمى والصمم يحتاجون إلى شاشات برايل التفاعلية التي يمكنهم من خلالها ملامسة النصوص وفهمها.

حال المواقع الحكومية

لم ينص نظام رعاية المعوقين في المملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي بالرقم م/37 والتاريخ 23/9/1421هـ القاضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء بالرقم (224) والتاريخ 14/9/1421هـ على ما يلزم الجهات الحكومية بتطبيق معايير يسر الوصول ويسر الاستخدام عند تصميم مواقعها الإلكترونية.
وقد تم تقييم 23 من أبرز المواقع الحكومية السعودية، لسببين:
أولاً: تقييم جودة التصميم ومدى توافقه مع المعايير الدولية.
ثانياً: تقييم يسر وصول المعاقين إلى محتوى تلك المواقع.
وقد تم الاحتكام إلى خدمات تقييم يوفرها كونسورتيوم شبكة الويب المعني بتطوير تلك المعايير، الذي أصدر عديداً من المبادرات التي طبقت في الغرب ونجحت. ومن ذلك بروتوكول يسر الوصول إلى محتوى الويب، وبروتوكول معايير تأليف أدوات يسر الوصول وبروتوكول يسر الوصول في برامج وكلاء المستخدم. وتجدر الإشارة إلى أن الاحتكام في ذلك تقييم يسر الوصول كان وفق مستويات التقييم الثلاثة. وما تم الوصول إليه من هذا التحكيم تضمن أخطاء وتحذيرات. أما الأخطاء فيقصد بها العيوب التي تحول فعلياً دون وصول المعاق إلى محتوى موقع الويب، في حين تشير التحذيرات إلى العيوب التي قد تعيق وصول المعاق إلى المحتوى إذا لم تعالج، أو أنها إذا عولجت يمكن أن تحسن من ذلك الوصول وتضمن فعاليته.
وكشف التقييم عن وجود ستة آلاف و683 خطأ في الترميز و938 خطأ في يسر الوصول في صفحات البداية فقط بتلك المواقع.

تفسير النتائج

وقد نتجت الأخطاء التي رصدت في التصميم ويسر الوصول عن عدد من العوامل:
• عدم تزويد الصور بنصوص بديلة يمكن للمعاق بصرياً أن يفهمها.
• استخدام رسوم مركبة دون وصفها.
• عدم تعريف محتوى لقطات الفيديو.
• استخدام جداول خلاياها غير قابلة للوصول، أو إطارات دون تحديد محتواها.
• لا تتيح بعض المواقع إمكانية تغيير حجم الخط، ليقرأه ضعاف البصر.
• بعض الصفحات تعرض روابط على هيئة صور وليست نصوصاً قابلة للفهم.
• ثمة مواقع تستخدم ألواناً يساء فهمها من قبل من يعانون من عمى الألوان.
• معظم المواقع لم يلتزم بمعايير تباين الألوان، ودرجة سطوعها.
• لم يتح أي من المواقع الحكومية خدمات مساعدة لمن يعانون من الصمم، كإتاحة نصوص توضيحية للملفات الصوتية والسمع/بصرية.
• لم تتح المواقع خدمة لغة الإشارة للصم في تلك المواقع.
• يعيق المحتوى المتحرك الذي اعتمدت عليه المواقع جميعها، من يعانون من صعوبات إدراكية وإعاقات بصرية عن تصفح محتواها. حيث يحتاجون إلى تعطيل جميع المحتوى المتحرك في الصفحة.
• يعيق الزحام المعلوماتي من يعانون من صعوبات في التركيز عن تصفح الموقع.
• يعاني من لديهم صعوبات في التعلم من التعقيدات غير المطلوبة في الموقع.
عدد ونسب الأخطاء في صفحات البداية للمواقع الحكومية:
الموقع عدد أخطاء الترميز نسب أخطاء الترميز عدد أخطاء يسر الوصول نسب أخطاء يسر الوصول
وزارة الخارجية 1850 26.3 % 9 0.96 %
بوابة التعاملات الإلكترونية 850 12.1 % 24 2.5 %
مصلحة الزكاة والدخل 440 6.3 % 415 44.4 %
هيئة التحقيق والادعاء 418 6 % 15 3.7 %
هيئة الخبراء بمجلس الوزراء 367 5.2 % 46 4.9 %
وزارة الداخلية 350 4.6 % 32 2.9 %
وزارة التعليم العالي 325 4.6 % 22 2.3 %
وزارة الصحة 325 4.6 % 28 2.9 %
وزارة الشؤون البلدية والقروية 323 4.6 % 45 4.8 %
الهيئة العامة للسياحة والآثار 208 2.9 % 22 2.3 %
هيئة حقوق الإنسان 207 2.9 % 0 0 %
هيئة الاتصالات والمعلومات 187 2.6 % 30 3.2 %
وزارة المالية 176 2.6 % 46 4.9 %
وزارة الخدمة المدنية 136 1.9 % 51 5.4 %
وزارة العدل 129 1.8 % 55 5.9 %
مركز سلمان لأبحاث الإعاقة 120 1.7 % 2 0.21 %
مجلس الشورى 108 1.5 % 15 1.6 %
هيئة المساحة الجيولوجية 75 1 % 12 1.3 %
وزارة الزراعة 48 0.68 % 4 0.42 %
مكتبة الملك عبدالعزيز العامة 47 0.66 % 40 4.2 %
مصلحة الإحصاءات العامة 47 0.66 % 3 0.32 %
وزارة النقل 34 0.48 % 20 2.1 %
وزارة التربية والتعليم 13 0.18 % 2 0.2 %
الإجمالي 6683 100 % 938 100 %
المصدر صحيفة الشرق

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...